شخصية اقتصادية – لقاء معي عبر مجلة الرابطة الاقتصادية محور التركيز #ريادة_الاعمال

أجرى المقابلة د. حسين الملعسي رئيس التحرير – العدد 17

أعزائي القراء الكرام متابعي مجلة الرابطة الاقتصادية يسرنا ويسعدنا ان نستضيف الاخ الدكتور احمد مبارك بشير – استشاري اداري وتطوير الاعمال-

 لتسليط الاضواء على عدد من مجالات قطاع الاعمال، كالحوكمة والبناء المؤسسي ، والتحول الرقمي، وتطوير الشراكات الفاعلة بين القطاع الخاص وبقية الطاعات في الدولة العامة والتنموية والتعاونية، وغير ذلك ،  

المجلة: في بادى الامر نرجو شاكرين التفضل بإعطاء القراء الكرام نبذة مختصرة عن سيرتكم الشخصية والمهنية.

احمد مبارك:

احمد مبارك بشير،

استشاري اداري وتطوير اعمال ، احب وطني الكبير واسرتي الصغيرة ، واحب الكتابة والتدوين ، واسعى لقيادة التغيير الإيجابي من خلال ما اسهم فيه في كل تدخلاتي في أي عمل بإذن الله .

من مواليد 1975 شبام حضرموت، بدأت حياتي العملية من 1993 ، متنقلا بين عدة مستويات وظيفية ، وصولا الى مناصب إدارية ومدير تنفيذي ، كما عملت في التدريب وتطوير الاعمال ودعم الأنظمة الآلية AIS و ERP  من 1998 ، وفي استشارات الاعمال والاستراتيجيات من 2004 ، وفي استشارات المنظمات غير الربحية وتطوير المشاريع من 2011، واستشارات البناء المؤسسي والحوكمة وأنظمة الجودة من 2012 ، ومستمر في تقديم الاستشارات ودعم الاعمال وريادة الاعمال ، وبحكم عملي ونشاطي فإن الاقتصاد محوري الأساسي في التحرك ، حيث والاقتصاد سياسة مركبة يمكن اعتباري سياسيا من هذا الباب ، الاقتصاد هو الحياة بالنسبة للمجتمع والدولة.

المجلة : نرجو شاكرين اعطاء القراء الكرام صورة مختصرة حول نشاطكم في مجال ريادة الاعمال وأهمية هذا النوع من الاعمال.

 احمد مبارك :  جميل دعني الخص فكرة ريادة الاعمال وانطلق من ذلك ،

المجلة : نعم ، تفضل،

احمد مبارك:  تتلخص الريادة في الفكرة الريادية والتي يمكن التعبير بأنها تقديم قيمة جديدة او تحسين قيمة سابقة ، وتولد هذه الأفكار الريادية اعمال ريادية، وهذه الاعمال التي تتصف بكونها متجددة او ابتكارية، وتقدم نتيجة فريدة اما بتطوير ما سبق او ابتكار جديد.

من هنا اعني ان ريادة الاعمال قد تولد اعمالا مستمرا (مشاريع ومؤسسات) او يمكن ان تكون منتجات يتم توليدها في داخل الشركة من موظفين رياديين ،

المجلة: يعني الريادي ليس بالضرورة مؤسس شركة ؟

احمد مبارك: ليس بالضرورة ، وليس كل ريادي اعمال أيضا صاحب فكرة ريادية ، قد يكون مؤسس لعمله التجاري التقليدي لكن قبوله بالمخاطر يجعلنا نطلق عليه ريادي ، أي تحمله العبء في المخاطرة هذا يمثل ريادة في حد ذاتها ،

المجلة : لكن اليوم الحديث عن أهمية ان يترك الشباب التفكير في الوظيفة والتوجه لتأسيس عمله.

احمد مبارك : لا اريد ان انطلق على هذا الشيء (وهم ريادة الاعمال) ، فالأساس في توجيه الشباب للتفكير الريادي والعمل الريادي هو الهدف الأهم للدول وهي (خلق فرص وظيفية) ، بالتالي لا يمكن الاستغناء على الوظائف نهائيا ، كبرى الشركات في العالم لديها فريق كبير من رواد الاعمال الذين يسهمون في تقديم افضل المنتجات ويحققون بذلك قيمة تسهم في خلق اعمال جديدة ، والرواد الاعمال في الأساس بحاجة الى فريق عمل ، وموظفين ، فإن توجه الجميع ان يؤسس عمله المستقل ، يعني ذلك حصرنا ريادة الاعمال في الاعمال الفردية والصغيرة و الأصغر ، وليس كل عمل صغير عمل ريادي ، وليس كل عمل ريادي عمل صغير ، فمثلا ، تمثل منتجات الذكاء الصناعي اليوم ثورة في تقنية المعلومات ، ودعني احدد مثالا open ai  الشركة التي اسهم “ريادي الاعمال” ماسك “الملياردير ، في تأسيسها بأكثر من 80 مليون $ ، ثم تبع ذلك ضخ الاستثمارات من شركة ما ميكروسوفت الى اكثر من 10 مليار $ ، لصالح open ai  وهي شركة رائدة في الأساس ، يعطيك صورة انها ليست شركة صغيرة ولا يمكن ان تبدأ صغيرة أساسا ، عدد موظفي open ai  يقارب او يزيد عن 400 موظف ، الطاقة التي تحتاجها open ai  لتشغيل أجهزتها في بداية الاطلاق قرابة 1100 ميجا في كل ساعة ، وهذا الرقم قد يكون تضاعف من زيادة سيرفرات ومحركات open ai  ،

المجلة : هل يعني هذا ان كل ريادة الاعمال تنصب في تقنية المعلومات.

احمد مبارك : بالتأكيد لا ، الا ان عالم تقنية المعلومات اليوم يمثل الوسيط الأساسي للانطلاق الايسر للشباب بحجم انه لا يتطلب الكثير من رأس المال ، ويمكن الانطلاق فيه من خلال الانترنت وتصل الى العالم .

لكن بالتأكيد الريادة هي الابتكار او التجديد والذي يبرز من خلاله تقنية جديدة ، تقنية جديدة ليست بالضرورة تقنية معلوماتية او انترنت ،

 ابتكار الاكياس القابلة للتحلل يعتبر منتج ريادي واصبح توجه لكثير من شركات التسويق والهايبرات العالمية للتبديل اليه ، الهايبرلوب قطارات عالية السرعة منتج ريادي لتسهيل النقل والوصول ،

حتى في الاكل ، قهوة عربية سريعة التحضير منتج ريادي ، تقدمه اليوم شركة نستلة ، المياه القابلة للأكل تدعى ( أوهو Ooho) بدلا من الشرب منتج ريادي للتخلص من عبوات البلاستيك…

المجلة : لكن ما ذكرت يتطلب الكثير من الاستثمار ، وليس بالعمل السهل ،

احمد مبارك : نعم وهذا ما اردت الإشارة اليه ، التوجه للعمل لتحقيق عائد مالي مناسب ( خلق فرصة عمل) ليس بالضرورة فكرة ريادية ، وانما التحرك في حد ذاته يمثل عمل ريادي ، ولذا الفكرة الريادية لتتحول الى عمل ريادي تتطلب الكثير من الاستثمار ، وهنا يقف رواد الاعمال عند هذه النقطة في البحث عن التمويل ،

المجلة : وهنا يتطلب ان تتحرك بنوك ومؤسسات التمويل لدعم رواد الاعمال،

احمد مبارك : ليس بالضرورة ، البنوك كجهات تمويل تعتمد بشكل أساسي على ضمان الائتمان ، وقدرة طالب القرض او التمويل على السداد ، وفي الاعمال الريادية من هذا النوع المخاطر عالية جهدة مع غموض شديد ، فالنموذج الريادي يعتمد على منتج يتطلب التحقق منه ، وبالتالي وارد الخسارة فيها وفقدان التمويل أساسي ، في مراحل عدة من التجربة ، اقرب الصورة ، عند تمويل معمل خياطة او حتى مصنع اسمنت ، يمكن دراسة كل العوامل المتعلقة بالسوق والطلب فيها ، ودراسة الائتمان لطالب التمويل ،

لكن في الاعمال القائمة على فكرة ريادية ، لا يمكن التحقق من حجم السوق ولا الطلب ، ويتطلب الامر تجربة ، وبالتالي تعتمد البنوك بشكل أساسي على التحقق من قدرة طالب التمويل فقط ، وليس على الفكرة او المشروع ،

المجلة: واذن كيف يمكن للاعمال الريادية من هذا النوع على الانطلاق،

احمد مبارك: بحاجة الى نموذج مختلف من التمويل ، النموذج القائم على الاستثمار في الفكرة نفسها من قبل مستثمرين ، وكلما زاد الاقبال من المستثمرين على الاستثمار في الأفكار الريادية زادت اطلاق منتجات ريادية ، الا ان الاستثمار ذاته معرض للمخاطر وخاصة في المنتجات المبتكرة او القائمة على الاختراع ، وهنا نجد ان إدارة حلقات الاستثمار والوعي الاستثماري وقبول المخاطر الاستثمارية يتطلب الكثير من الجهد في توفير بيئة صحية لدعم بيئة ريادة الاعمال ودعم بيئة جاذبة للمستثمرين فيها.

المجلة: اذن ما مجالات نجاح ريادة الاعمال في اليمن ،

احمد مبارك : اشارتي السابقة لبيئة الاعمال ، وبيئة الاعمال تعتمد على تكامل بين الكيانات المنظمة للاعمال بصورة عامة ، وهذا يتطلب بيئة قانونية بكل مكوناتها فاعلة في هذه البيئة ميسرة ومسهلة للعمل التجارة واطلاق الاعمال… يتطلب الكثير من الجهد لتطوير قواعد الأنظمة والقوانين ، من جهة والربط والتكامل بين السلطات المنظمة كوزارة التجارة و الضرائب والبنك المركزي والعمل وهيئة الاستثمار و…  ، مع الكيانات الممثلة للقطاع الخاص ، الاتحاد العام للغرف والغرف التجارية وجمعيات الاعمال ، هذا الجهد هو المتطلب الأول لتحسين بيئة الاعمال وتيسير اطلاق الاعمال ،

المجلة : بيئة الاعمال المنظمة ، هي القاعدة الأساسية ،

احمد مبارك : بالتأكيد ، لا يتوقف الامر هنا ، يمكن ان اشير هنا الى عدة عناصر أخرى أساسية ، يشمل ذلك كل قطاعات تلك البيئة والتي الخصها في:

المجلة: يبدو ان القالب كبير ، وكل هذا كيف يمكن توفيره لرواد الاعمال،

احمد مبارك : ليس بالعملية السهلة ، دعم بيئة الاعمال تلقائيا يسهم في دعم بيئة الاستثمار ، وبيئة الاستثمار وتحركها تدفع تلقائيا لتحرير ودعم بيئة ريادة الاعمال ، كل متكامل ، قد نبدأ اليوم في التوعية بهذا الامر ، والتحرك في الدفع بالتربية الريادية من اجل تحريك القدرات لدى الشباب ، لكن لا يمكن تجاهل ان البيئة الجيدة ، تطلب تكامل بين الأطراف من السلطات المعنية وممثلي الاعمال ، وكما نسعى لتأسيس مدن اقتصادية لخلق بيئة استثمارية عالية ، علينا أيضا في المقابل الدفع بتأسيس حاضنات اعمال متكاملة ، فحاضنات الاعمال منطلق لاحتضان رواد الاعمال ، وهذه الحاضنات لا تأتي بنمط واحد ، بل يمكن ان تكون حاضنات متخصصة ، زراعية للمشاريع الزراعية ، وطبية للمشاريع الطبية ، وتقنية لمشاريع تقنية المعلومات ، وهكذا ، على الأقل نبدأ بحاضنات عامة تستوعب هذا التوجه ،

المجلة : لماذا الحاضنات،

احمد مبارك : كما اشرت ان بيئة استثمار قوية تطلب مدن اقتصادية ، تقدم خدمات ذات قيمة وبنية تحتية مناسبة للصناعة والمجالات الاقتصادية المختلفة ، فحاضنة الاعمال توفر بيئة مناسبة لدعم رواد الاعمال بمجموعة من الخدمات المتكاملة والتي تسهم في توفير بيئة تعليمية ، واستشارية ، وارشادية ، وبنية تحتية يتطلبها رائد الاعمال لتطوير واطلاق منتجه ، وتجربته ،مما يساعده من خلال الحاضنة على التشبيك مع جهات تمويل او مستثمرين محتملين ، هذا كله يسهم في توفير ما يفتقده المشروع الريادي كأساس للنجاح والذي يتكامل في : وجود المعرفة know how ،والممارسة ، و الإدارة ، والتفرغ للإنتاج والتطوير والرغبة مع الإرادة ، بالتالي وفرت ما يمكن للريادي حتى يتمكن من الوصول الى إدارة تدفق واضح لنشاطه واطلاق مشروعه بشكل افضل ،

وأكرر لن يكون هذا كافيا عند انطلاق الريادي في سوق العمل دون ان يتم الاسهام في تعزيز بيئة الاعمال القانونية وتيسير التجارة واطلاق الاعمال.

 المجلة : شيء مثير ، الا اننا نرجو ان يصل هذا الكلام الى الجهات ذات العلاقة ، دعنا نخوض في استفسار آخر حول استمرارية الاعمال ودور مشاريع وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة في تعزيز بيئة الاعمال للقطاع الخاص،

احمد مبارك : في ظل الازمات ومنها الحرب ، تحدث صدمة واسعة بمتغيرات عديدة ، منها ما حصل في اليمن ، هذه الصدمة تطلب وجود قدرة على التكيف ، حيث لا يتوقف الاقتصاد ، بل يتطلب تدخل مباشر في غياب الاستثمار الحكومي الى زيادة الاستثمار في القطاع الخاص ، وكما تعرفون ان القطاعات الرئيسية في أي دولة ينظر لها في ثلاث زوايا ، قطاع عام ، وقطاع خاص وقطاع مجتمعي ، وهنا يأتي فعالية تعزيز القطاع الخاص وهو الموجهة في الأساس لاستمرار تدفق النقد في الاقتصاد ، وتعزيز خلق فرص عمل ، والحد من الانهيار الاقتصادي ،

المجلة : بمعنى ان الازمات تطلب تكيف من كل القطاعات،

احمد مبارك : بالتأكيد ، لكن ما يعنيني هنا هو القطاع الخاص القادر على دعم تدفقات النقد ، وتعزيز خلق فرص العمل ، وهذا دور فاعل تسعى له الوكالة ، من خلال جهد متكامل بين الشركاء لها ، وباعتبار توجهها دعم القطاع الخاص بصورة عامة ، جاء دعم استمرارية منشآت القطاع في المجالات المختلة وخاصة المجالات التي تدعم سلسلة قيمة فاعلة في الامن الغذائي ، والصحي ، وأخرى ، أسهمت الوكالة في نشر الوعي باستراتيجيات التكيف والاستمرارية  عبر دعم فني يشمل التدريب والاستشارات ، ودعم مالي عبر منح تماثلية موجهة لدعم متطلبات التكيف للحصول على الأولويات التي تسهم في استمرارية وتكيف المنشآت وعدم اغلاقها وقدراتها على توفير منتجاتها للسوق ، واستمرار موظفيها في العمل ، بل وستهم في زيادة فرص العمل في سلسلة الامداد الخلفي والامامي لتلك المنشآت من الموردين الى الموزعين والمسوقين.

المجلة: ساهمتم في تقديم مشروعات لتطوير مؤسسات القطاع الخاص من خلال العمل مع الغرف التجاري وتأسيس الشركات القابضة ، هل يمكن اعطاءنا فكرة عن أهمية الشركات القابضة،

احمد مبارك : أولا للإشارة القانون في اليمن ، لا يمنع وفي ذات الوقت لا يوجد فيها غطاء كامل لانشاء الشركات القابضة ، لكن نسعى من الاستفادة من القانون فيما يمكن ، وهذا يجعلني اكرر الحاجة الى مراجعة القوانين المتعلقة بالتجارة وتيسير التجارة ومنها القانون التجاري والقوانين المرتبطة كقانون الشركات اليمني، وكذا اشير حتى في اطار انشاء شركات حكومية (عامة) لا يتوفر قانون يسهم في هذا ، ففي حالة جاءت شركة مثلا في الاستثمار النفطي او الاتصالات اجنبية او ترغب أي وزارة في انشاء شركة ، لا يمكن ذلك دون المرور بمجلس النواب ، وحتى في الاستثمار في البنية التحتية من القطاع الخاص لا يتوفر قانون لهذا النوع من الشراكة ، هذه فجوات كبيرة في إدارة الاستثمارات الكبرى الموجهة في الخدمات العامة ، مما يضعف دور الحكومة في كونها مشرفها على تطبيق القانون ، ويفقد الاستثمار المحلي جاذبيته ، هذه قضية أساسية تطلب الكثير من النقاش ، من ذلك متى تتحرر الاتصالات مثلا من الاحتكار الحكومي ، لكن دعني اركز على أهمية الشركات القابضة والمساهمة الخاصة ،

المجلة:   رغم ان ما فتحته كان مهما جدا ، لكن نعم اكمل،

احمد مبارك: دعني أوضح بشكل مختصر عن الشركات القابضة واهميتها،

فهي شركة تمتلك حصصًا في شركات أخرى، وتتحكم فيها بشكل مباشر أو غير مباشر. وتتميز الشركة القابضة بالعديد من المميزات منها:

–        سهولة التشكيل والتأسيس، حيث يمكن لأي شخص شراء أسهم أي شركة معروضة في السوق.

–        الحماية يوفر درعًا من المسؤولية فديون كل شركة تابعة تنتمي إلى تلك الشركة الفرعية ولا تتبع الشركة القابضة، وبالتالي اغلاق شركة تابعة او افلاسها لا يعني اغلاق او افلاس الشركة الام.

–        التحكم في الأصول مقابل أموال أقل.

–        انخفاض تكاليف سداد الديون.

–        تعزيز الابتكار.

–        الإدارة اليومية غير مطلوبة حيث تدير كل شركة فرعية أنشطتها عبر ادارتها. المستقلة.  

فكأننا ندير محفظة استثمارية متعددة عبر شركات تابعة ، يمكن لاي مستثمر او مساهم في الشركة القابضة ان يتحصل على هذه الميزات ، كما ان الشركات التابعة يكون فيها الشريك الأساسي (الشركة القابضة) وهنا شركاء آخرون ليس بالضرورة ان يكونوا شركاء في القابضة.  و تركز كثير من الشركات القابضة على الاستحواذ على مؤسسات او شركات قائمة، وخاصة ما فيها فرصة عالية وفيها ضعف، وتعمل كذلك على تأسيس شركات وتنظمها بطريقة تدفع بشركات أخرى معها في التأسيس بحيث يظل اسم الشركة القابضة شريك رئيسي او احد الشركاء الرئيسيين في الشركات المستحوذ عليها او الجديدة .

قدمت قبل الحرب هذه الفكرة في فعالية برعاية رئيس الوزراء الأسبق خالد بحاح ، حول فكرة تأسيس واطلاق شركة قابضة باسم (عدن القابضة) تكون بين شركة مساهمة قابضة بين الحكومة والقطاع الخاص وتدار بشكل كامل من القطاع الخاص ، وتدير مجموعة من المؤسسات الخدمية في عدن وتطورها وتطلق اسهم للمشاركة من المجتمع في هذه الشركات ، كمؤسسة الكهرباء والمياه ، والموانئ والمطار ، ربما كانت الفكرة جميلة ، لكن يبدو لم يكن ذلك الوقت وحتى الان متاحا لتنفيذها ،

ارجو ان لا أكون اطلت في هذه النقطة.

المجلة: دعنا ننطلق في اتجاه آخر ، أهمية الحوكمة في الاعمال الصغيرة والناشئة ،

احمد مبارك: قبل ردي دعني أوضح شيء، يمكن ان تفهم الحوكمة بأنها ( آلية اتخاذ القرار او صناعة القرار ، وهذه الآلية تعني الإجابة عن من يمتلك الحق في اتخاذ القرار ، ولماذا ، وكيف يتخذ القرار ، وما الذي يدعم اتخاذ القرار وما الذي يحمي ويحدد الأطراف ذات العلاقة وتأثرها بالقرار) ، هذه الخلاصة بسيطة لكن معقدة ،

فكلما صغرت المنشأة ، صار تكلفة انشاء نموذج للحوكمة اكثر تكلفة ، فالحوكمة بالنموذج الذي اشرت اليه قد يسبب افلاس الشركات الصغيرة والاصغر ، فهي تتطلب الكثير من الأدوات لمتابعة القرار وحماية الأطراف ،

فليس لصالحي ان اهدد تلك الشركات في هذا النموذج ، لكن ما تحتاجه تلك الاعمال الى ما يمكنني تسميته تنظيم فاعل لأعمالهم او توزيع فاعل للأدوار،

ودعني أيضا اعطي مثالا آخر شركة فيها 5 او حتى 10 موظفين، اعين فيها مدير موارد بشرية ، انا اسهم في تدميرها لا مساعدتها ، هذا المستوى بحاجة الى من يساعد الشركة من هذا النوع في تنظيم الأدوار ، ويمكن المدير او المالك او شخص مساعد له يكون مسئولا عن هذا الدور يمكن اسميه اخصائي شئون موظفين او اخصائي موارد ، فإدارة الموارد متطلبة كلما تنامت حجم الوظائف في الشركة ،

المجلة : قد يطول هذا الموضوع اذن ، لكننا بحاجة من الاستفادة من الوقت ، اذن انت لا تنصح بحوكمة الشركات الصغيرة والاصغر ، فماذا عن المؤسسات الحكومية ، والشركات الاكبر.

احمد مبارك : انا لا أقول اننا لسنا بحاجة لحوكمة أي عمل ، وهذا شيء لكن تطبيق منهجية الحوكمة على المنشآت الصغيرة والاصغر ، يمثل كارثة عليها حيث يرفع تكاليف التشغيل ، وما احتاجه الى ما يساعدها على تنظيمها بشكل افضل وإدارة الأدوار بين فريق عملها وليس حوكمتها ، وحتى القانون في الشركات التضامنية والمؤسسات الفردية ، لا يفصل فعليا بين الملكية والإدارة ، حيث يبرز النموذج بقوة في سيطرة المالك على القرار وهذا الامر الطبيعي في النماذج الصغيرة من الاعمال ،ولا اريد الاطالة في هذه النقطة لاجل الوقت ،

في المؤسسات الحكومية ، الأساس لا توجد مؤسسة او شركة حكومية غير محوكمة ، انها محوكمة شيء وتطبيق الحوكمة شيء آخر ، وما تحتاجه المؤسسات الحكومية الى مراجعة وتقييم ادواتها أولا ، وثانيا لابد من العمل على دعم بناء كواردها من الصف الثالث الى اعلى مستوى قيادي على نموذج قيادة الإدارات العامة ، وهذا حديث آخر أيضا يطول،

بالنسبة للشركات المتوسطة والكبيرة وخاصة  الشركات العائلية ، ادعو حقيقة الى تبنيهم نموذج الحوكمة ، وحتى تكون الصورة وضاحة ، نموذج الحوكمة هو تحول استراتيجي كبير للشركات ، ويتطلب وقتا من دراسة وضع الشركة وتطوير نموذجها وتطبيقه في الواقع ، وهذا التحول الاستراتيجي أؤكد انه يسهم في احداث نقلة فاعلة في أنشطة الشركة العائلية وإدارة استثماراتها للجيل الحالي والاجيال القادمة بإذن الله .

المجلة: كنت مشاركا في رؤية 2013-2030 ، وكذا في وضع رؤية حضرموت 2018-2040، فهل لديك افكار عامة حول الرؤية الاقتصادية لفترة ما بعد الحرب.

أحمد مبارك: الأفكار كثيرة ، وما يمكنني تلخيص بشكل أساسي ، اننا اليوم بحاجة الى وضع إدارة ازمة فاعلة ـ هذه الإدارة تركز بشكل أساسي كجزء من عملها على تطوير رؤية اقتصادية لليمن في مرحلة التعافي وإعادة الاعمار ، وفي ذات الوقت تعمل على إدارة اقتصاد اليمن في ظل الحرب، لا يمكن ان تكون هذه الإدارة هي الحكومة فالواقع اليوم يقول ان الحكومة هي واجهة سياسية (تقاسمية بين اطراف سياسيين) ، وكي تكون فاعليتها عالية اما ان يتم الاتفاق على تشكيل حكومة ازمة لا تزيد عن 10 وزراء تمثل إدارة الازمة التي اشرت ، او يتم تشكيل فريق (حكومة ظل) تعتبر توصياته قرار للحكومة يجب تنفيذه ، وهذا بديل أساسي ،

الجانب الآخر ، فكرة ان يكون الوزير او مالك سلطة القرار شخص متخصص او ما يعرف بحكومة كفاءات مهنية، ليس بالدقيق ، الوزير او مالك السلطة كفاءته في قدرته على اتخاذ القرار وتحمل المسئولية ، وهو بذا بحاجة فريق فني متخصص يساعده في اتخاذ القرار ويساعده في تطبيقه، بالتالي عدم وجود شخصية قيادية في الموقع المناسب لاتخاذ القرار تضييع لكثير من الجهد حتى وان تم تشكيل فريق اداري للازمة ،

الجانب التالي مرحلة التعافي والاعمار مرحلة شديدة الحساسية جدا ، ابرز نتائجها الموارد البشرية والمتمثلة في كم هائل من الشباب الذين تم استقطابهم في الجبهات او حمل السلاح وغيرها ، هؤلاء يمثلون قنبلة موقوته يجب الاستنفار للعمل على معالجتها ، والعمل في استيعابهم في سوق العمل بشكل جاد ، فبالنسبة لهم ضياع او توقف الحرب مشكلة حيث يفقدون مصادر دخلهم الحالي ، انها مشكلة أساسية للعمل عليها ، ولو اخذت الى الصين كمثال ، القوة العاملة التي تولد الدخل للدولة هي بين عمر 21-60 سنة … فكم نسبة هؤلاء في سوق العمل ، اذا انخفض العمر الأكثر إنتاجية يتطلب تزويد الدولة بهم ، ولذا فتحت الصين الانجاب لأكثر من طفل لحمايتها في المستقبل من نقص هذه الفئة الفاعلة …  كما يحدث في دول الغرب التي تفتح سنويا المجال لاستقطاب عمالة مهاجرة ،

الجانب الأخير ، في التعافي مرحلة البناء المؤسسي للمؤسسات العامة والربط مع الأطراف ذات العلاقة وتحديدا القطاع الخاص ،

كل ما سبق سيسهم في الدخول في مرحلة إعادة الاعمار بشكل اكثر كفاءة وفاعلية،

المجلة: هل لديك كلمة أخيرة ،

احمد مبارك : لن ينتهي الكلام ، لكن دعني أقول اننا بحاجة اليوم الى فعالية بين الحكومة والقطاعات الشريكة الخاص والمجتمعي ، هذا يتطلب حوار فاعل للوصول الى شراكة عملية وحقيقة ، على الحكومة ان تفهم ان القطاع الخاص شريك أساسي وليس خصما ، وليس أيضا ” مصدرا غير منقطع ” لرسوم وجبايات، فمن اجل ان يكون دافعا للضرائب هو بحاجة لبيئة جاذبة متحركة تكون مصدرا لجني الأموال التي تدور في حلقات مكتملة وصولا الى زيادة كفاء دافعي الضرائب والرسوم، كما اعتقد حان الوقت للتفكير الجاد في وضع سيناريوها واضحة للتعافي واستيعاب الموارد البشرية والنظر في الكثير من القواعد التنظيمية والتي تدفع الى جاذبية أوسع لإطلاق الاعمال.

ونصيحتي للقطاع الخاص ، تحالفوا خلف جمعيات اعمالكم وتحديدا الغرف التجارية ، اعملوا بقلب رجل واحد ، من اجل مصلحة القطاع الخاص ، ومن اجل مصلحة الاقتصاد الوطني،

وللشباب لا تتوقف عند نقطة واحدة ، الفرص اليوم قد تظنوها محدودة الا انها اكثر، النظر الى المستقبل ليس في الانتظار ، وانما بالتحرك نحوه ، والتحرك يبدأ من بناء قدراتكم للعمل فيه واستيعاب متطلباته ،

المجلة: في نهاية اللقاء اتقدم بالشكر وبالغ الامتنان نيابة عن القراء الكرام وكل المهتمين بالشأن الاقتصادي العام وتأسيس واطلاق الاعمال و عبر المجلة و باسم مؤسسة الرابطة الاقتصادية وهيئة تحرير المجلة بالشكر الخاص للأخ رائد الاعمال الدكتور احمد مبارك بشير على سعة صدره وعلى إتاحة لنا فرصة اجراء هذا اللقاء الشامل والمفيد والذي سلط الاضواء على الكثير من النقاط التي ارجو ان تكون اضاءة جديدة في عالم الاعمال.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *